كان عنترة بن شداد
🔴كان عنترة بن شداد العبسي من أفحل شعراء العرب، وهو برأيي أشعر شعراء العرب قاطبةً.
ورغم أنه عاش عبدا لدى أبيه البيولوجي، إلا أنه برع في الشعر وتشبع بالأخلاق الكريمة والنبيلة.
انظر ،إن شئت، حين يقول:
هلاّ سألتِ الخيلَ يا ابنةَ مالكٍ
إن كنتِ جاهلة بما لم تعلمِي
أغشى الوغى وأعف عند المغنمِ
يقول: أحارب وأقتل خصومي لكن لا آخذ الغنائم وذاك أمر لم تكن تفعله العرب لذلك ذكر تعففه عن الغنائم متفاخراً.
وانظر قوله:
وَمُدَجَّجٍ كَرِهَ الكُماةُ نِزالَهُ
جادَت لَهُ كَفّي بِعاجِلِ طَعنَةٍ
بِمُثَقَّفٍ صَدقِ الكُعوبِ مُقَوَّمِ
لَيسَ الكَريمُ عَلى القَنا بِمُحَرَّمِ
يقول أنه ينازل كل من يهابه الكماة، والكماة هم الجنود المستترين بالدروع والخوذ، ويطعنه بالرمح، فاستعمل لفظة "شككتُ" دلالة على قوته فبمجرد شكة من رمح يرديه قتيلا.
شِعر عنترة ليس معقّدا، ولكن عنان السماء أقرب من الإتيان بمثله، فحين يستعمل صورة بيانية فتكون في محلها تماما كأنها قلادة من الألماس في رقبة حورية، حين يقص لك قصة سيجعلك تتخيلها، وحين يصف لك شيئا فكأنك تراه ..
فقرأ له وهو يصف أمه التي عاشت أمَةً أيضا هي وابنيها عنترة وشيبوب:
وَأَنا اِبنُ سَوداءِ الجَبينِ كَأَنَّها
ضَبُعٌ تَرَعرَعَ في رُسومِ المَنزِلِ
الساقُ مِنها مِثلُ ساقِ نَعامَةٍ
وَالشَعرُ مِنها مِثلُ حَبِّ الفُلفُلِ
بَرقٌ تَلَألَأَ في الظَلامِ المُسدَلِ
شببها بالضبع ليس انتقاصا منها ولكن كناية عن حياة العبودية التي كانت تعيشها، ولكن انظر تشبيهه لثغرها .. تالله إنه قول يسلب الألباب ويجعل متذوق الشعر بكاد يخر للأذقان من حلاوة القول.