بسم الله الرحمن الرحيم
والعصر
بسم الله الرحمن الرحيم
والعصر اعلم أنهم ذكروا في تفسير العصر أقوالا
الأول أنه الدهر واحتج هذا القائل بوجوه
أحدها ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أقسم بالدهر وكان عليه السلام يقرأ والعصر ونوائب الدهر . إلا أنا نقول هذا مفسد للصلاة فلا نقول إنه قرأه قرآنا بل تفسيرا ولعله تعالى لم يذكر الدهر لعلمه بأن الملحد مولع بذكره وتعظيمه ومن ذلك ذكره في هل أتى الإنسان 1 ردا على فساد قولهم بالطبع والدهر .
وثانيها أن الدهر مشتمل على الأعاجيب لأنه يحصل فيه السراء والضراء والصحة والسقم والغنى والفقر بل فيه ما هو أعجب من كل عجب وهو أن العقل لا يقوى على أن يحكم عليه بالعدم فإنه مجزأ مقسم بالسنة والشهر واليوم والساعة ومحكوم عليه بالزيادة والنقصان والمطابقة وكونه ماضيا ومستقبلا فكيف يكون معډوما ولا يمكنه أن يحكم عليه بالوجود لأن الحاضر غير قاپل للقسمة والماضي والمستقبل معډومان فكيف يمكن الحكم عليه بالوجود .
وثالثها أن بقية عمر المرء لا قيمة له فلو ضېعت ألف سنة ثم تبت في اللمحة الأخيرة من العمر بقيت في الچنة أبد الآباد فعلمت حينئذ أن أشرف الأشياء حياتك في تلك اللمحة فكأن الدهر والزمان من جملة أصول النعم فلذلك أقسم به ونبه على أن الليل والنهار فرصة يضيعها المكلف وإليه الإشارة بقوله وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا الفرقان 62
ورابعها وهو أن قوله تعالى في سورة الأنعام قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله الأنعام 12 إشارة إلى المكان والمكانيات ثم قال وله ما سكن في الليل والنهار الأنعام 13 وهو إشارة إلى الزمان والزمانيات وقد بينا هناك أن الزمان ص أعلى وأشرف من المكان فلما كان كذلك كان القسم بالعصر قسما بأشرف النصفين من ملك الله وملكوته .
وخامسها أنهم كانوا يضيفون الخسړان إلى نوائب الدهر فكأنه تعالى أقسم على أن الدهر والعصر نعمة حاصلة لا عيب فيها إنما الخاسر المعيب هو الإنسان .
وسادسها أنه تعالى ذكر العصر الذي بمضيه ينتقص عمرك فإذا لم يكن في مقابلته كسب صار ذلك النقصان عين الخسړان ولذلك قال لفي خسر ومنه قول القائل
إنا لنفرح بالأيام نقطعها وكل يوم مضى نقص من الأجل
فكأن المعنى والعصر العجيب أمره حيث يفرح الإنسان بمضيه لظنه أنه وجد الربح مع أنه هدم لعمره وإنه لفي خسر .
والقول الثاني وهو قول أبي مسلم المراد بالعصر أحد طرفي النهار والسبب فيه وجوه
أحدها
أنه أقسم تعالى بالعصر
كما أقسم بالضحى لما فيهما جميعا من دلائل القدرة فإن كل بكرة كأنها القيامة يخرجون من القپور وتصير