أمي تخاف علي من الحياة، وأنا اخاف الحياة بدون أمي...
لا أصدق أماه أنهم فعلوا هذ بك..
تقول: تحملت هذا ورضيت وكتمت غيظي لأنه ابني أحبه، ثم من أجل ولده وبنته من زوجته الأولى..
في يوم عدت من زيارة ابنتي التي تسكن في مدينة أخرى..
فلما توجهت إلى الملحق الذي أسكن فيه وجدت عفشي وفراشي وصندوقي الصغير قد وضعوا خارج الغرفة..
ولما طرقت الباب عليهم أسألهم عن السبب قالت زوجة ابني وابني يقف خلفها:
لقد احتجنا للملحق ليكون مستودعًا لأغراضنا..
قالت: وأنا أين أهب..أنا أين أذهب وبمثل هذا الوقت ؟!..
قالت _ يعني الزوجة _ اذهبي إلى أي مكان..اذهبي إلى أي مكان إلا داخل البيت وأرض الله واسعة..
لا أصدق أماه أنهم يفعلون هذا بك..
أين القلوب !..
أين المشاعر !..
أين الإحساس !..
تقول الأم: العجيب أن ابني خلفها لم يحرك ساكنًا ولم ينطق بكلمة..
طرقت باب الجيران في جو شديد البرودة فلما دخلت على جارتنا قلت:
أريد ان أبيت عندكم الليلة..
فاستغربت ماذا أقول لها..فصارحتها فبكت غير مصدقة..
قلت لها: فقط سأبات عندكم الليلة ثم في الصباح ستأتي ابنتي لتأخذني..
فقالت: لا عليك والبيت بيتك..
تقول العجوز ثم في الصباح اتصلت بابنتي وأخبرتها بالخبر وطلبت منها أن تحضر لتأخذني عندها..
لكنها اعتذرت..
لكنها اعتذرت لأن زوجها تضايق جدًا عندما جلست عندها يومين فقط فكيف إذا سكنت عندهم..
ثم أغلقت سماعة الهاتف..
يالله..
أماه..أيعقل أنهم فعلوا هذا بك..
أين جزاء الإحسان !..
أما علموا أن الزوج إذا فقد فبدله زوج آخر..
وأن الزوجة إذا ذهبت فبدلها زوجة أخرى..
ولكن إذا ذهبت الأم فكيف سيأتون بأم غيرها..
لا أصدق أماه أنهم فعلوا هذا بك..
تقول العجوز: أغلقت ابنتي سماعة الهاتف ومعه أغلقت باب الأمل..
كنت آمل أن أسكن عندها لأنها ابنتي وهي التي سوف تتحملني وتتحمل كبري وعجزي..
وصرت أبكي حتى لم أجد دموع أبكيها..
وعلمت جارتي بالخبر شاطرتني البكاء وقالت: لا عليك فهذا بيتك ونحن أهلك..
وعن طريق أحد المحسنين في حينا لما علم بقصتي وفر لي سكنًا قريبًا وقام بتجهيزه وقال لي نحن مستعدون لخدمتك من كبيرنا إلى صغيرنا..
كان أهل الحي يزوروني ويقدمون لي كل شيء إلا ابني لم يزرني..
بل مرضت مرضًا شديدًا وأخذني الجيران للمستشفى وصار أهل الحي يزوروني إلا ابني..إلا ابني لم يزرني ولم يسأل عني..
وها أنا أنتظر زيارته وقلبي يتقطع عليه..
وها أنا أنتظر زيارته وقلبي يتقطع عليه..
وأدعو الله أن يسامحه ويعفو عنه..
ما أرحمك اماه..
رغم ما صنع وفعل لا زلت تدعين له بالعفو والمغفرة..
لا أصدق أماه أنهم فعلوا هذا بك..
ولكن..
قسمًا بمن قرن عبادته بالإحسان إليك..
قسمًا بمن قرن عبادته بالإحسان إليك..
ليدفعن الثمن ولو بعد حين..
والجزاء من جnس العمل..
قال ابن عمر رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم:
(( البر لا يبلى..
والذنب لا ينسى..
والديان لا يموت..
وكن كما شئت..
فكما تدين تدان ))..
رواه عبد الرزاق والبيهقي
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(( لو علم الله شيئًا أدني من الأف لنهى عنه..
فليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنة..
وليعمل البار ما شاء أن يعمل فلن يدخل النار ))
رواه ابن حبان في صحيحه..
العنصر الآخر
لماذا يبكي هذا ؟!..
يقول أحدهم زرت أخًا لي في الله فقال لي إن والدة جارنا قد ماتت وسيصلى عليها اليوم في الجامع الكبير فهل ترغب بالذهاب معي..
فقلت: نعم..وهل يكره الإنسان فعل الخير..
يقول صلينا على الجنازة ثم تبعناها إلى المقةةبرة..
هناك عند القبر كان رجل يبكي بكاءً شديدًا..
قلت: من هذا ؟!..
قال صاحبي: هذا ابنها..
قلت: ألهذه الدرجة كان يحبها وبارًا بها..
قلت: ألهذه الدرجة كان يحبها وبارًا بها..
قال صاحبي: لا.. بل هي دموع الندم..بل هي دموع الندم..لقد ماتت ولم يرها منذ ثلاث سنوات..
لقد لبثت في المستشفى عشرين يومًا، وكانت تطلب رؤيته ولم يأتِ لرؤيتها..