الأربعاء 08 يناير 2025

قصة معطف أبي بقلم تالية

موقع أيام نيوز

وعدني أبي أنني  لو  نلت شهادة التعليم الإبتدائي..بمعدل ممتاز....سوف يشتري لي معطف جديد...
هكذا بدأت إحداهن في سرد قصتها. :

 بعد ثلاثة أشهر.من الدراسة في السنة .الأولى متوسط..
وقد  نلت المعدل الذي تمناه أبي..
إشترى لي المعطف الذي وعدني به......
    معطفا لبسته وأنا أدخل للمتوسطة وكأنني ألبس تاج فوق رأسي .أو أرتدي لباس الملوك المرصع..

بالنسبة لكل العائلة...معطفي هو إنجاز وفخر لأبي...
لأنه وفر حقه..يوم وراء يوم....وحرم نفسه من الكثير....
لكي يستطيع توفير ثمنه....
فهو يشتغل حارس ليلي في إحدى الحظائر لسيارات عند أحدهم...
فراتبه كان بالكاد..يسترنا من الحاجة فقط....
ولهذا...كنت أحافظ على معطفي..كثيرا..
وكأنه جوهرتي...
ولا أسمح لأحد بلمسه....

 ومرت الأيام..

وتفوقت في الدراسة..كما يحب أبي...
وفي نفس الوقت  إزددت طولا..وتغيرا في جسدي...بعدما كنت طفلة..أصبحت إمرأة صغيرة.
وأصبح المعطف...لا يوافق لا حجمي ولا طولي...
فخجلت من لبسه وأنا في السنة الرابعة متوسط.
.وتنازلت عليه لأختي الصغرى وكأنني تنازلت عن قطعة مني.
فمدينتا يشتد فيها برد الشتاء.
..بدرجات حرارية منخفظة جدا...

تصل الى تحت الصفر ....بعدة بدرجات .....أحيانا...
 لبست حينها معطف أمي القديم جدا..... 
.فكلما رٱني أبي ألبسه..قرأت الخجل في عينيه .لأنه لم يستطع أن يوفر لي هذه المرة.معطفا ٱخر...
مع إخوتي الثلاثة وأختي .كثرت المصاريف..وازدادت يوما وراء يوم...
 لم أطلب معطف ٱخر..لأنني كبرت وفهمت أن قلة الحاجة هي التي أصبحت تحرج أبي...
فجعلت كل همي هو الاجتهاد في الدراسة..ومساعدة إخوتي في واجباتهم...كون أنني أنا البنت الكبرى..
فكيف أطلب منه..ذلك..وهو نفسه لباسه قديم ورث...
     مثله مثل بقية أفراد الأسرة......

وفي أحد الأيام عندما كان يتساقط الثلج بغزارة.  والصقيع يسانده......
دق بابنا أحدهم ..ليخبرنا أن أبي لم يتحمل شدة الصقيع

وقلة اللباس ..فتجمدت دمائه...وفارق الحياة...

كان يوما حالكا..
..باردا...جافا..كجفاف..الفقر وقيلة الحيلة..

    أخذت أمي على عاتقها..تضميد جراحنا....
بالصبر ..والتحفيز على الدراسة....

تخرجت بعد عدة سنوات..من المدرسة العليا للأساتذة...
اخترتها.لأنها توفر ..منصب شغل مباشرة بعد التخرج..
ساعدت أمي في مصاريف البيت..

ودراسة إخوتي...

  الٱن ..والحمد لله...كلنا مستقرين ماديا .
وتوقفت أمي عن الشغل في البيوت..

أحد إخوتي ..يملك .محل للألبسة...
   في كل فصل شتاء.....
     نتعاون كلنا ...في دفع ثمن عدة معاطف...
لنتصدق بهم على  الفقراء والمساكين...
لم ننسى أبدا  أن أبانا...ټوفي متجمدا من شدة البرد...
فتذكرنا الأم دوما...على التصدق عليه..بهذه المعاطف...
والدعاء له بالرحمة والمغفرة...

أقول دائما...بيني وبين نفسي..
أن تسمية ..معطف..تشتق منها كلمة. العطف......
       والعطف .هو.من الدفء..والتراحم والانسانية...
  ومن تجردت نفسه...من كل هذه الصفات الطيبة
     فقد خسر إنسانيته.،وخسر احترامه لنفسه...

         تالية..  
قصة / معطف أبي...
(أغلب تفاصيل هذه القصة حقيقية..)