المتسول الأخرس
انت في الصفحة 2 من صفحتين
وتقدمت جحافل الجيش واقتربت من ( المتسول الأخرس ) عربة عسكرية مصفحة تابعة للمهمات الخاصة، وترجل منها ثلاثة ضباط، واحد برتبة مقدم، واثنان برتبة نقيب، ومعهم خمسة جنود، ومن ورائهم عدة عربات مدججة بالعتاد، مليئة بالجنود.
كانت المجموعة التي اقتربت من المتسول_الأخرس يحملون بنادقهم المذخرة بالړصاص، ويضعون أصابعهم على الزناد، وهم يتلفتون بحذر شديد.
كان الجو رهيباً، مليئاً بالړعب، والمكان مليئ بالچثث والقتل ورائحة الډم، ودخان البارود تنبعث من كل مكان.
تقدموا جميعاً من ( المتسول الأخرس )، وهو مستلق على الأرض، غير مبال بكل ما يجري حوله، وكأنه يستمع إلى سيمفونية بيتهوفن (القدر يقرع الباب) .
وعندما صاروا على بُعد خطوتين منه انتصب قائماً ورفع رأسه الى الأعلى كمن يستقبل المۏت سعيداً، والمفاجأة كانت عندما رفع المقدم ا يده نحو رأسه وأدى التحية العسكرية له، قائلاً : باسم جيش الدفاع أحييكم سيدي الكولونيل العقيد، وأشكركم على تفانيكم الرائع في خدمة بلدك ، فلولاكم لما استطعنا دخول بيروت!
رد المتسول الأخرس التحية العسكرية بمثلها في هدوء، وعلى وجهه بسمة النصر قائلاً: لقد تأخرتم قليلاً، وصعد العربة العسكرية المصفحة وتحركت العربة وخلفها ثلاث عربات مرافقة للمتسول العقيد، تاركة في المكان كل أنواع الصدمة والذهول ومعها أطناناً من الأسئلة، والصدفة هنا كانت مع بعض المثقفين كانوا قريبين من المكان، وهم يسمعون الحوار ويترجمونه، وأعينهم تفيض من الدمع ولكنهم عجزوا عن ترجمة وجوه الناس المصډومة من هول الکاړثة التي أحلّت على أهالي تلك الأحياء البيروتية التي عاش فيها هذا الوغد «الجاسوس».
ولكل حاډث حديث،،،