السبت 23 نوفمبر 2024

كاليندا ـ رواية كاملة بقلم ولاء رفعت

انت في الصفحة 6 من 14 صفحات

موقع أيام نيوز

مهب ريح عاتية تبعثر ذراته بكل قوتها غير مكترثة 
كفي كفاني ألما وجراحا أريد الابتعاد عن هذا الجو الملوث بالنفوس البغيضة 
أوصدت النافذة كما أوصدت أبواب فؤادها المتهالكة ثم قامت بتجفيف عبراتها التي انهمرت رغما عنها فخرجت لتجد والدها يجلس أمام التلفاز يتصفح جريدة ورقية ووالدتها تحتسي كوب من الشاي وتشاهد مسلسلها المفضل 
بابا أنا عايزة أسافر 
قالتها
بنبرة يعلم والدها أن هناك خطب ما خلف قرارها دون أي نقاش
أجابت والدتها وهي تترك الكوب أعلي الطاولة
وليه الاستعجال ده أستني يومين كمان حتي تفوقي شوية 
رسمت بسمة علي محياها متقنة الصنع وقالت
أنا كويسة ها يا بابا بكرة الصبح نسافر 
أومأ لها والدها متفهما الحالة النفسية التي تخالجها حاليا فقال
حاضر يا حبيبتي روحي أنتي جهزي شنطة هدومك و نامي كويس عشان نمشي بعد صلاة الفجر في الروقان قبل زحمة المواصلات 
أجابت باقتضاب
تصبحوا علي خير 
وذهبت إلي غرفتها فقالت والدتها بحنق
أنت أي حاجة تقولك عليها البت حاضر ونعم! جري إيه يا محمد البت مش طبيعية مش شمس بنتي اللي عرفاها وبصراحة مش عايزاها تسافر عند أخواتك بحالتها دي 
طوي محمد الجريدة التي بين يديه ووضعها فوق المنضدة قائلا
طالما ده هيخليها مرتاحة نفسيا فمفيش أي مشكلة أهم حاجة عندي راحتها ولو راحتها في آخر بلاد العالم هوديها ريحي أنتي بس نفسك وشيلي أخواتي وسلايفك من دماغك 
وأطلق زفرة بتأفف ثم نهض تاركا إياها تتمتم بكلمات توبيخ و توعد 
يسير في الردهة بترنح يحتسي الخمر من الزجاجة مباشرة وفي يده الأخرى سېجارة محشوة بخليط من المواد 
أنا حمزة السفوري اللي الكبير پيترعب مني قبل الصغير أبويا يقولي أهرب 
أشار إليه صديقه الثمل والمتمدد علي الأرض وجواره لفائف سجائر وزجاجات خمر قائلا له
ياعم بقي أتهد وأقعد بقي من الصبح مصدع أمي وطيرت لي النفسين من نفوخي 
أستدار له الآخر وأطلق صوتا قذرا فقال
هو أنا كنت بتكلم معاك يا حليتها أنا بتكلم مع نفسي 
طيب ياريت تاخد نفسك وتركنوا في أي حتة بعيدة عني عشان مش ناقص صداع 
رمقه حمزة بوعيد وقال
طيب يا روح خالتك من هنا ورايح شوف مين اللي هيشتري لك المزاج ولا الخمړة اللي بتطفحها دي و أبقي روح مد إيدك لمرات أبوك اللي مقشطاه أول بأول 
ضحك الآخر بتصنع وقال
أي يا عم كنت بهزر معاك في إيه ياصاحبي أرغي براحتك ولا أقولك أحكيلي تاريخ وأمجاد عيلتكم 
حدق نحوه بنظرة دونية من أعلي إلي أسفل ثم قهقه حتي توقف وتحولت ملامحه إلي شخص آخر فقال لنفسه
أبويا سابنا أنا وأمي لجدي وسافر الخليج عشان يشتري لنا بيت خاص بينا غير بيت جدي اللي كان مليان مشاكل وخاصة من عمي الو 
يالهوي يالهوي يخربيتك يا هدي 
نهض من جوارها 
بطلي ولوله وسبيني أنا هاتصرف معاه بنفسي 
أقترب من الصغير ونظرات عينيه تنضح بالړعب
حتي رأي بنطال الصغير قد تبلل وهو يتراجع إلي الخلف يستعد للهروب وقبل أن تتحرك قدميه إلي الخارج خطوة واحدة كان في قبضة هذا الۏحش كتم أنفاس الصغير وقام
بربطه في التخت ثم كمم فاهه بقطعة من القماش حتي لاتصل صرخاته إلي الجد القعيد في الردهة خارجا 
وبكل قسۏة و عدم إنسانية تناول عصا غليظة وهبط بها علي جسد الصغير بلا رحمة لم يكتف بذلك بل أمسك بالمقص والشفرة الحادة وأنهال علي رأس الصغير يقص خصلاته بعشوائية حتي أصبح رأسه حليقا ومليئة بالچروح والخدوش و برر فعلته لزوجة أخيه المتسمرة في مكانها وخشيت أن تصيح وتمنعه حتي لا يفتضح أمرها قال لها
كده مش ها يقدر ينطق ولا يقول اللي شافه وحلقة راسه دي مش هتخليه يعتب بره باب الدار تاني 
و من تلك اللحظة تحول الصغير إلي شخص آخر قلبه مليء بالحقد والكراهية وبرغم امتناع والدته عن أفعالها الآثمة وأخذت تتوسل إليه ليسامحها وقامت بإقناعه إنها قد تابت لكن لا تعلم بإن ما رآه وحدث له علي يد عمه جعله ما هو أصبح عليه حاليا بينما عمه ترك المنزل للأبد قبل عودة أخيه وذلك بعدما أكتشف معرفة والده القعيد بعلاقته بزوجة أخيه
وطلب منه بأن يرحل ويبتعد خشيت هدي من حماها وخاصة بعد أن قام بټهديدها فقررت التخلص منه بتفريغ حقنة هواء في ذراعه لم يتحملها وتوفي علي الفور ولم تدرك أن صغيرها رأي فعل آخر لها أكثر قذارة وۏحشية 
عاد من ذكرياته السوداء علي رنين هاتفه ليجد المتصل به والدته فأجاب
ألو 
أنت فين
عايزة إيه
عايزاك ترجع البيت وتبطل صياعه عند أصحابك 
قهقه بسخرية وقال
ويهمك أمري أوي كده ولا ناسية اللي عملتوه فيا أنتي وعمي زمان يا هدي هانم!
بقي كده يا حمزة! طيب خليك عندك وأياك ترجع عشان لو شوفتك هاموتك 
رد بتهكم ليصفعها بكلماته
زي ما مۏتي جدي
أوصدت المكالمة بدون أن تجيب فهي تعلم إنه في حالة ثمل شديدة وخشيت إنه لو عاد يتفوه بكلماته التي ستفتح عليها أبواب الچحيم 
تجلس بجوار نافذة السيارة تتابع في صمت لا تعلم قرار ذهابها هل هو من الصواب أم كان قرارا متسرعا وسيترتب عليه عواقب لا تحمد عقباها 
انتبهت علي حديث والدها وهو يقول
يلا يا شمس يا حبيبتي وصلنا وعمك مستنينا بعربيته 
ترجلت من السيارة ليتبعها والدها فهما الآن في ميدان رمسيس وكان بانتظارهما عمها أو الحاج محمود كبير العائلة أستقبلهما بالترحاب والعناق والفرح يكسو ملامحه أخذهما بسيارته إلي منزله الذي يقع في مدينة حلوان وفي الطريق تبادل الشقيقان الحديث ما بين السؤال عن الحال والصحة كما أوضح محمد لشقيقه بأن ابنته تمت فسخة خطبتها وعلل بسبب كاذب حتي لا تحدث کاړثة و يتثنى له الوقت المناسب ويرفع القضية علي نجل السفوري لكنه منتظر استقرار حالة ابنته النفسية بدلا من أن يحدث لها انتكاسة 
وصل الجميع إلي المنزل المكون من أربعة طوابق فالطابق الأول تعود ملكيته إلي عمها الصغير كريم وهو يعمل في إحدى القري السياحية في شرم الشيخ و الدور الثاني يملكه الحاج محمود و زوجته شوقية و أولاده رحاب ومحمد وحمدي والدور الثالث يسكنه عمها يحيي وزوجته محاسن ولديهما ابنتين لمياء وفرح بينما الدور الرابع يعود لعمها حجازي وزوجته رشا لم يرزقا بالأولاد بعد 
كانت شوقية زوجة الحاج محمود في انتظارهم و بعد إلقاء السلام وتبادل المصافحة التي لم تخلو من نظراتها الفضولية علي هيئة شمس 
إلا مالك يا شمس كده خسانة أوي وبقيتي معضمة ده حتي المفروض فرحك الأسبوع الجاي 
زجرها زوجها بنظرة ڼارية لتصمت فأجاب محمد
المذاكرة والثانوية العامة بقي وبالنسبة للفرح محصلش نصيب الحمدلله 
شهقت بتصنع وقالت
ليه كده كفي الله الشړ ده إحنا كنا لينا قعده مع بعض تحكي لي فيها إيه اللي حصل 
صاح بها زوجها
حطي الفطار يا شوقية وسيبي البنت ترتاح من السفر 
الفطار جاهز يا حاج هاحطوا عقبال ما الجماعة يغسلوا إيديهم ويغيروا هدومهم 
قالت شمس
معلش يا طنط مش هاقدر أفطر أنا هادخل أنام شوية 
فأجاب عمها
أتفضلي يا بنتي أدخلي ريحي لك جمب رحاب و لما تصحو أبقو أفطروا مع بعض 
ولجت شمس إلي داخل الغرفة ذات الأثاث البسيط وابنة عمها تغط في
النوم تركت حقيبتها جانبا و خلعت وشاحها ثم تمددت بجوارها ولأنها مستيقظة من قبل صلاة الفجر غلبها النعاس فأسدلت جفونها الواهنة و ذهبت إلي العالم التي تتمني أن تمكث فيه وتبتعد عن واقعها البائس 
الفصل السادس
يتأمل مياه النهر الجارية يري صورتها تطفو وهي تبتسم إليه ثم تحولت تلك الإبتسامة المشرقة إلي وجوم ووجه عابس عبرة تساقطت من ذهبتيها التي لن ينساها بتا أنتشله من لحظات تأمله صوت لم عليه بعد قائلة له
أحمد مالك من ساعة ما جينا وأنت سرحان ولا حتي عبرتني بكلمة 
حدق إليها بامتعاض وكأنه مجبر علي جلوسه برفقتها أجاب
عايزاني أقول إيه يعني يا مروة 
بادلته بنظرة عتاب وقالت
أول خروجة لعريس وعروسته بعد خطوبتهم وكتب كتابهم المفروض يقولها إيه! ده أنت حتي مهنش عليك تقولي أزيك إمبارح قاعد جمبي في الكوشة ونازل عليك سهم الله واللي يجي يبارك لنا ما
تردش عليه لما خليت شكلي وحش وسمعت تعليقات سخيفة 
زفر بضيق وينبلج علي ملامحه الضجر قائلا
معلش حقك عليا أصلي مضغوط في الشغل اليومين دول وساعات بنطبق شيفتات زيادة فببقي مصدع ومش مركز خالص 
أقتربت منه ووضعت يدها علي يده قائلة بلهفة
خلاص تعالي روح عندنا ريحلك ساعتين أو زي ما أنت عايز ولما تصحي نقضي باقي اليوم مع بعض وأعملك الأكل اللي بتحبه 
سحب يده مما جعلها تشعر بالحرج وقال
خليها مرة تانية أحسن 
جاء النادل يحمل كأسين من عصير المانجو الطازج وطبقين يعلوهما قطعتين من الحلوي قام برص الكأسين والأطباق ثم سأله
أي خدمات تاني يا فندم
لاء شكرا 
بينما هي نظرت إلي طبق الحلوي بإشتهاء وقالت
الله شكل التشيز كيك يجنن أنا بحبه أوي 
غرزت الشوكة وحملت قطعة صغيرة وأبتلعتها بإستمتاع فأردفت
أنا عارفة إنك بتحبه أوي عشان كده هاتعلم طريقته وأعمله لك لما نتجوز 
كان هو شاردا في موقف مشابه
تماما عندما كان يتنزه مع شمس برفقة شقيقته التي كانت تتركهم بمفردهما وتجلس علي بعد مسافة تاركة لهما الخصوصية 
مشهد سابق
يقطع أحمد قطعة بالشوكة خاصته و يمدها أمام فمها فقالت له شمس بخجل ووجنتيها شديدة الحمرة من الخجل
بتعمل إيه الناس بتبص علينا 
ضحك وقال
واحد بيأكل حبيبته اللي هاتبقي مراته فيها إيه ما بنعملش حاجه حرام 
أومأت له وأجابت
عارفه بس بتكسف أوي و بعدين ما بحبش الجاتوه 
سألها بنبرة رومانسية حالمة
طيب بتحبي إيه وأنا هاجيبه لك حالا
أجابت وتنظر في الفراغ تفكر
حاجة حلوة كدة دوقتها في مرة عند واحدة صاحبتي إسمها إيه يا شمس إسمها إيه آه أفتكرت إسمها تشيز كيك 
نهض ووقف ثم أنحني في عرض مسرحي قائلا
طلباتك أوامر يا مولاتي 
أعتدل وقام بمناداة النادل فجاء له مسرعا
أمرك يافندم 
سأله الآخر
عندكم تشيز كيك
أجاب النادل
اه يافندم عندنا كذا نوع بالفروالة أو الشيكولاتة والمانجا وبالتوت 
نظر أحمد إلي شمس وسألها
بتحبيها بطعم إيه
إبتسمت بسعادة وأجابت
بالمانجا 
قال أحمد للنادل
أتنين بقي وصاية وكتر المانجا 
اومأ له النادل قائلا
تمام يا فندم 
عودة للوقت الحالي
عاد من شروده وتذكره للموقف القديم ليجد مروة تنهض وتلملم هاتفها وحقيبتها تتمتم بكلمات غير مفهومة وهنا أنتبه إلي خطأه الفادح وهو التجاهل 
أمسك معصمها وسألها
بتعملي إيه
جذبت يدها بحدة وأجابت
بعمل اللي المفروض يتعمل من ساعة ما جينا وعماله أكلم فيك وأحاول أغيرلك مزاجك وبرضو متجاهلني كأني هوا قاعد قدامك 
قال لها بنبرة يستعطف سجيتها وقلبها النقي
عشان خاطري أقعدي بس و ما تفهمنيش غلط 
صاحت في وجهه بحنق
لاء فهماك صح يا إبن خالي وأنت فاهم وأنا فاهمة بس كنت بقول لنفسي أصبري عليه يابت يا مروة لما يفوق من الصدمة اللي هو فيها لسه مش هينساها بسهولة ده مكنش بينهم خطوبة يوم ولا أتنين ده سنين غير عشرة الجيرة اللي ما بينهم 
وفرتي عليا اللي كنت هقولهولك و زي

انت في الصفحة 6 من 14 صفحات