أصحمة أبن أبجر2
و ارسلت معه الهدايا حتى يسلمهم المسلمين، فرفض النجاشي ذلك إلا بعد أن يسمع الطرف الآخر.
ثم أرسل إلى الصحابة وأذن لهم بالكلام في مجلسه. وعمرو بن العاص والبطارقة بين يده ، فقام جعفر بن ابي طالب رضي الله عنه فكلمه ، متحدثا باسم المهاجرين: أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام.. إلى آخر خطبته بين يدي الملك. و قرأ عليه آيات من سورة مريم فبكى النجاشي والأساقفة من حوله حتى بللوا مصاحفهم .
ثم فتح داهية العرب عمرو بن العاص موضوع طبيعة المسيح ليحرج المسلمين ، فقال جعفر عن المسيح: إنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول، وهذا الكلام يخالف عقيدة النصارى، فلما سمعه النجاشي أخذ عودًا، وقال: (والله ما تجاوز عيسى عمّا قلت هذا العرجون)، فضجّ البطارقة غضبًا، فالټفت إليهم النجاشي وقال: وإنْ غضبتم، هذا هو الحق، ثم قال لجعفر: (اذهبوا فأنتم آمنون في أرضي، من نال منكم غرم، والله ما أحبُّ أنْ أُعطى جبلًا من ذهب وأوذي أحدًا منكم)، ثم قال لحجّابه: (ردّوا على عمرو هديته فلا حاجة لنا بها، إنّ الله ما أخذ منّي رشوة حين ردّني إلى ملكي).
تحرّك الأساقفة يشيعون بين الناس أنّ النجاشي قد ارتدّ عن دينه، فأرسل لجعفر ومن معه سفنًا لينجوا بها إنْ هزم أمام هذا الاضطراب ضدّه، ثم أتى برقاع وكتب فيه: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدًا عبد ورسوله، وأشهد انّ عيسى عبده ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم) ، ثم طواه وجعله في صدره ولبس فوقه ملابس الملك، ودعا البطارقة والأعيان فقال: كيف سيرتي فيكم؟
قالوا: خيرُ سيرة، غير أنك فارقت ديننا، وزعمت أنّ عيسى عبد، فقال: ما تقولون أنتم فيه؟ فقالوا: ابن الله، فوضع النجاشي يده على صدره حيث الرقاع، وقال: (وأنا أشهد أن عيسى لم يزد على هذا شيئًا)، فهدأوا وانفضوا راضين.
ثم استغل ابن عمّه الفرصة وحشد لقتاله الناس المتشككين في أمره، والتقى الطرفان في معركة انتصر فيها النجاشي ، ولكنه بسبب هذه الأحداث اضطر إلى إخفاء إسلامه عن الناس فلم يعلنه.
قبيل فتح مكة ټوفي النجاشي رحمه الله، ودعا النبي ﷺ الصحابة الكرام وقال: «إنّ أخاكم أصحمة النجاشي قد ټوفي فصلوا عليه»، وأمّهم النبي ﷺ في صلاة الغائب عليه، وما صلاها النبي ﷺ على أحد قبله ولا بعده، فسنّت بۏفاته هذه السنة، رضي الله عنه وجعل جنّات الخلد مأواه .